.أبو الحسن أحمد بن محمد الطبري:
من أهل طبرستان فاضل عالم بصناعة الطب وكان طبيب الأمير ركن الدولة، ولأحمد بن محمد الطبري من الكتب الكناش المعروف بالمعالجات البقراطية، وهو من أجل الكتب وأنفعها، وقد استقصى فيه ذكر الأمراض ومداواتها على أتم ما يكون، وهو يحتوي على مقالات كثيرة.
.أبو سليمان السجستاني:
هو أبو سليمان محمد بن طاهر بن بهرام السجستاني المنطقي كان فاضلًا في العلوم الحكمية متقنًا لها مطلعًا على دقائقها، واجتمع بيحيى بن عدي ببغداد وأخذ عنه وكان لأبي سليمان المنطقي السجستاني أيضًا نظر في الأدب والشعر ومن شعره قال:
لا تحسدن على تظاهر نعمة ** شخصًا تبيت له المنون بمرصدأو ليس بعد بلوغه آماله ** يفضي إلى عدم كأن لم يوجدلو كنت أحسد ما تجاوز خاطري ** حسد النجوم على بقاء مرصدوقال أيضًا:
الجوع يدفع بالرغيف اليابس ** فعلام أكثر حسرتي ووساوسيوالموت أنصف حين ساوى حكمه ** بين الخليفة والفقير البائسوقال أيضًا:
لذة العيش في بهيمية اللذة لا ** ما يقوله الفلسفيّحكم كأس المنون أن يتساوى ** في حساها الغبي والألمعيّويحل البليد تحت ثرى الأر ** ض كما حل تحتها اللوذعيّأصبحا رمة تزايل عنها ** فصلها الجوهري والعرضيّوتلاشى كيانها الحيواني ** وأودى تمييزها المنطقيّفاسأل الأرض عنهما إن أزال ** الشك والمرية الجواب الخفيّبطلت تلكم الصفات جميعًا ** ومحال أن يبطل الأزليّولأبي سليمان السجستاني من الكتب مقالة في مراتب قوى الإنسان، وكيفية الإنذارات التي تنذر بها النفس فيما يحدث في عالم الكون، كلام في المنطق، مسائل عدة سئل عنها وجواباته لها، تعاليق حكمية وملح ونوادر، مقالة في أن الأجرام العلوية طبيعتها طبيعة خامسة، وأنها ذات أنفس، وإن النفس التي لها هي النفس الناطقة.
.أبو الخير الحسن بن سوار:
ابن بابا بن بهنام المعروف بابن الخمار لفظة فارسية مركبة من كلمتين وهي به خير؛ ونام اسم؛ أي اسم الخير وكان أبو الخير الحسن نصرانيًّا عالمًا بأصول صناعة الطب وفروعها، خبيرًا بغوامضها، كثير الدراية لها، ماهرًا في العلوم الحكمية، وله مصنفات جليلة في صناعة الطب وغيرها، وكان خبيرًا بالنقل، وقد نقل كتبًا كثيرة من السرياني إلى العربي، ووجدت بخطه شيئًا من ذلك، وقد أجاد فيها، وقرأ الحكمة على يحيى بن عدي، وكان في نهاية الذكاء والفطنة، ومولده في شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة، وقال أبو الخطاب محمد بن أبي طالب في كتاب الشامل في الطب إن أبا الخير الحسن بن سوار كان موجودًا في سنة ثلاثين وثلثمائة، وقد ذكر أبو الحسن علي بن رضوان عنه في كتاب حل شكوك الرازي على جالينوس ما هذا نصه، قال كما فعل في عصرنا هذا الحسن بن بابا المعروف بابن الخمار فإنه وصل بالطب إلى أن قيل له محمود الملك للأرض، وكان الملك محمود عظيمًا جدًا وذلك أن هذا الرجل كان فيلسوفًا حسن التعقل حسن المعرفة، وقال عنه أنه كان حسن السياسة لفقهاء الناس، ورؤساء العوام والعظماء والملوك، وذلك أنه كان إذا دعاه من أظهر العبادة والزهد مشى إليه راجلًا وقال له جعلت هذا المشي كفارة لمروري إلى أهل الفسق والجبابرة، فإذا دعاه السلطان ركب إليه في زي الملوك والعظماء، حتى أنه ربما حجبه في هذه الحال ثلثمائة غلام تركي بالخيول الجياد، والهيئة البهية، ووفى صناعته حقها بالتواضع للضعفاء، وبالتعاظم على العظماء، وهكذا كان طريق بقراط وجالينوس وغيرهما من الحكماء، فمنهم من تواضع ولزم الزهد والتصاون، ومنهم من أظهر من حكمته ما ظهرت به محاسن الحكمة.قال أبو الفرج بن هندو في كتاب مفتاح الطب إنه رأى في بلاد العجم جماعة كانوا ينفون من صناعة الطب، قال وقد كان زعيم الفرقة النافية للطب يعادي أستاذي أبا الخير بن الخمار الفيلسوف ويغري العامة بإيذائه فاشتكى الزعيم رأسه، واستفتى أبا الخير في دوائه فقال ينبغي أن يضع تحت رأسه كتابه الفلاني الذي نفى فيه فعل الطب ليشفيه اللّه ولم يداوه.ولأبي الخير بن سوار بن بابا من الكتب مقالة في الهيولى، كتاب الوفاق بين رأي الفلاسفة والنصارى ثلاث مقالات، كتاب تفسير إيساغوجي مشروع كتاب تفسير إيساغوجي مختصر، مقالة في الصديق والصداقة، مقالة في سيرة الفيلسوف، مقالة في الآثار المخيلة في الجو الحادثة عن البخار المائي وهي الهالة والقوس والضباب على طريق المسألة والجواب، مقالة في السعادة، مقالة في الإفصاح عن رأي القدماء في الباري تعالى وفي الشرائع ومورديها، مقالة في امتحان الأطباء، صنفها للأمير خوارزمشاه أبي العباس مأمون بن مأمون، كتاب في خلق الإنسان وتركيب أعضائه أربع مقالات، كتاب تدبير المشايخ، وقد ذكر في أوله أن حنين بن إسحاق كان قد ألف ذلك بالسرياني، وجمع من كلام جالينوس وروفس في تدبير المشايخ ما الحاجة داعية إلى معرفته، مع زيادات ذكر أنه زادها من عنده، وصير ذلك على طريق المسألة والجواب، وأن أبا الخير بسط القول وأوضحه من غير مسألة وجواب، وجعله ستة وعشرين باباً، كتاب تصفح ما جرى بين أبي زكريا يحيى بن عدي وبين أبي إسحاق إبراهيم بن بكوس في سورة النار، وتبين فساد ما ذهب إليه أبو سليمان محمد بن طاهر في صور الأسطقسات، مقالة في المرض المعروف بالكاهني وهو الصرع، تقاسيم إيساغوجي وقاطيغورياس لالينوس الإسكندراني، مما نقله من السرياني إلى العربي الحسن بن سوار بن بابا، وشرحه على طريق الحواشي، نقلت ذلك من الدستور من خط الحسن بن سوار.
.أبو الفرج بن هندو:
هو الأستاذ السيد الفاضل أبو الفرج علي بن الحسين بن هندو من الأكابر المتميزين في العلوم الحكمية، والأمور الطبية، والفنون الأدبية، له الألفاظ الرائقة، والأشعار الفائقة، والتصانيف المشهورة، والفضائل المذكورة، وكان أيضًا كاتبًا مجيداً، وخدم بالكتابة وتصرف، وكان اشتغاله بصناعة الطب والعلوم الحكمية على الشيخ أبي الخير الحسن بن سوار بن بابا المعروف بابن الخمار وتتلمذ له، وكان من أجل تلاميذه، وأفضل المشتغلين عليه، قال أبو منصور الثعالبي في كتاب يتيمة الدهر في وصف أبي المفرج بن هندو، قال هو مع ضربه في الأداب والعلوم بالسهام الفائزة، وملكه رقَّ البلاغة والبراعة؛ فرد الدهر في الشعر، وأوحد أهل الفضل في صيد المعاني الشوارد، ونظم الفرائد في القلائد، مع تهذيب الألفاظ البليغة، وتقريب الأغراض البعيدة، وتذكير الذين يسمعون ويرون؛ أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون، قال أبو منصور الثعالبي وكان قد اتفق لي معنى بديع لم أقدّر أني سبقت إليه، وهو قولي آخر هذه الأبيات:
قلبي وجدًا مشتعل ** على الهموم مشتملوقد كستني في الهوى ** ملابس الصب الغزلإنسانة فتانة ** بدر الدجى منها خجلإذا زنت عيني بها ** فبالدموع تغتسلحتى أنشدني لأبي الفرج بن هندو:
يقولون لي ما بال عينك مذ رأت ** محاسن هذا الظبي أدمُعها هطلفقلت زنت عيني بطلعة وجهه ** فكان لها من صوب أدمعها غسلفعرفت أن السبق له، ومن شعر أبي الفرج بن هندو قال:
قوض خيامك من أرض تضام بها ** وجانب الذل إن الذل يجتنبوارحل إذا كانت الأوطان منقصة ** فمندل الهند في أوطانه حطبوقال أيضًا:
أطال بين البلاد بحوالي ** قصور مالي وطول آماليإن رحت عن بلدة غدوت إلى ** أخرى فما تستقر أحماليكأنني فكرة الموسوس لا ** تبقى مدى لحظة على حالوقال في الحث على الحركة والسعي:
خليلي ليس الرأي ما تريان ** فشأنكما أني ذهبت لشانيخليلي لولا أن في السعي رفعة ** لما كان يومًا يدأب القمرانوقال أيضًا:
وحقك ما أخرت كتبي عنكم ** لقالة واش أو كلام محرشولكن دمعي أن كتبت مشوش ** كتابي وما نفع الكتاب المشوشوقال أيضًا: في النهي عن اتخاذ العيال والأمر بالوحدة:
ما للمعيل وللمعالي إنما ** يسمو إليهن الوحيد الفاردفالشمس تجتاب السماء فريدة ** وأبو بنات النعش فيها راكدوقال في الصبر:
تصبر إذا الهم أسرى إليك ** فلا الهم يبقى ولا صاحبهوقال أيضًا:
قالوا اشتغل عنهم يومًا بغيرهم ** وخادع النفس إن النفس تنخدعقد صيغ قلبي على مقدار حبهم ** فما لحب سواهم فيه متسعقال أيضًا:
عارض ورد الغصون وجنته ** فاتفقا في الجمال واختلفايزداد بالقطف ورد وجنته ** وينقص الورد كلما قطفاوقال أيضًا:
قولا لهذا القمر البادي ** مالك إصلاحي وإفساديزود فؤادًا راحلًا بقبلة ** لا بد للراحل من زادوقال أيضًا:
تمنيت من أهوى فلما لقيته ** بهت فلم أملك لسانًا ولا طرفاوأطرقت إجلالًا ومهابة ** وحاولت أن يخفى الذي بي فلم يخفاوقد كان في قلبي دفاتر عتبه ** فلما التقينا ما فهمت ولا حرفاوقال أيضًا:
عابوه لما التحى فقلنا ** عبتم وغبتم عن الجمالهذا غزال ولا عجب ** تولد المسك في الغزالوقال أيضًا في العذار:
أوحى لعارضه العذار فما ** أبقى على ورعي ولا نُسكيفكأن نملأ قد دببن به ** غمست أكارعهن في مسكوقال أيضًا:
قالوا صحا قلب المحب وما صحا ** ومحا العذار سنا الحبيب وما محاما ضره شعر العذار وإنما ** وافى يسلسل حسنه أن يبرحاوقال أيضًا في خط العذار:
الآن قد صحَّت لدي شهادة ** أن ليس مثل جماله لمصورخط يكنيه حوالي خده ** قلم الإله بنقش مسك أذفروقال أيضًا:
يا من حياه كاسمه حسن ** إن نمت عني فليس لي وسنقد كنت قبل العذار في محن ** حتى تبدى فزادت المحنيا شعرات جميعها فتن ** يتيه في كنه وصفها الفطنما عيروا من عذاره سفهًا ** قد كان غصنًا فأورق الغصنوقال في ذم العذار:
كفى فؤادي عذاره حرقه ** فكف عينًا بدمعها غرقهما خط حرف من العذار به ** إلا محا من جماله ورقهوقال في الشراب:
أرى الخمر نارًا والنفوس جواهرًا ** فإن شربت أبدت طباع الجواهرفلا تفضحن النفس يومًا بشربها ** إذا لم تثق منها بحسن السرائروقال أيضًا:
أوصى الفقيه العسكري ** بأن أكف عن الشرابفعصيته إن الشرا ** ب عمارة البيت الخرابوقال لبعض الرؤساء وقد انصبت الخمر على كمه في مجلس الشراب:
انصبت الخمر على كمه ** تلثم منه كمه خدمهلو لم ترد خدمته بالتي ** قد فعلت ما خصصت كمهوقال وكتبها على عود:
رأيت العود مشتقًا ** من العود بإتقانفهذا طيب آناف ** وهذا طيب آذانوقال أيضًا:
ودوحة أنس أصبحت ثمراتها ** أغاريد تجنيها ندامى وجلاستغنى عليها الطير وهي رطيبة ** فلما عست غنى على عودها الناسوقال في الآذريون:
رب روض خلت آذر ** يونه لما توقدذهبًا أشعل مسكًا ** في كوانين زبرجدوقال في عز الكمال:
فإذا رأيت الفضل فاز به الفتى ** فاعلم بأن هناك نقصًا خافياواللّه أكمل قدرة من أن يرى ** لكماله ممن تراه ثانياوقال في الشكوى:
ضعت بأرض الري في أهلها ** ضياع حرف الراء في اللثغهصرت بها بعد بلوغ المنى ** يعجبني أن أبلغ البلغهوقال أيضًا:
لنا ملك ما فيه للملك آلة ** سوى أنه يوم السلاح متوجأقيم لإصلاح الورى وهو فاسد ** وكيف استواء الظل والعود أعوجوقال أيضًا:
عجبت لقولنج هذا الأمير ** وأنّى ومن أين قد جاءهوفي كل يوم له حقنة ** تفرّغ بالزب أمعاءهوقال في مدح الجرب وملح وظرف:
بهيج مسرتي جرب بكفي ** إذا ما عد في الكرب العظامتجنبني اللئام لذاك حتى ** كفيت به مصافحة اللئاموقال في مراجعة الشعر بعد تركه إياه:
وكنت تركت الشعر آنف من خنا ** وأكبر عن مدح وأزهد عن غزلفما زال بي حبيك حتى تطلعت ** خواطر شعر كان طالعه أفلتزل القوافي عن لساني كأنها ** يفاع يزل السيل منه على عجلفأصبح شعر الأعشيين من العشا ** لديه وشعر الأخطلين من الخطلولأبي الفرج بن هندو من الكتب المقالة الموسومة بمفتاح الطب الفها لإخوانه من المتعلمين وهي عشرة أبواب، المقالة المشوقة في المدخل إلى علم الفلسفة- كتاب الكلم الروحانية من الحكم اليونانية، ديوان شعره، رسالة هزلية مترجمة بالوساطة بين الزناة واللاطة.